حور العين.......وصف لابن  القيم
			 
			 
			
		
		
		يا من يطوف بكعبة الحسن التي*** خفت بذاك الحجر والأركان 
ويظل يسعى دائما حول الصفا*** ومحسّر مسعاه لا العلمان 
ويروم قربان الوصال على منى*** والخيف يحجبه عن القربان 
فلذا تراه محرما أبدا ومو***ضع حله منه فليس بدان 
يبغي التمتع مفردا من حبه*** متجردا يبغي شفيع قران 
فيظل بالجمرات يرمي قلبه*** هذي مناسكه بكل زمان 
والناس قد قضوا مناسكهم وقد*** حثوا ركائبهم الى الأوطان 
وحدت بهم همم لهم وعزائم*** نحو المنازل أول الأزمان 
زفعت لهم في السير أعلام الوصا***ل فشمّروا يا خيبة الكسلان 
  
  
ورأوا على بعد خياما نشرفا***ت مشرقات النور والبرهان 
فتيمموا تلك الخيام فآنسوا*** فيهن أقمارا بلا نقصان 
من قاصرات الطرف لا تبغى سوى**** محبوبها من سائر الشبان 
قصرت عليه طرفها من حسنه*** والطرف في ذا الوجه للنسوان 
أو أنها قصرت عليه طرفه*** من حسنها فالطرف للذكران 
والأول المعهود من وضع الخطا***ب فلا تحدن عن ظاهر القرآن 
ولربما دلت اشارته على الثـ***ـاني فتلك اشارة لمعان 
هذا وليس القاصرات كمن غدت*** مقصورة فهما اذا صنفان 
  
  
يا مطلق الطرف المعذب في الألى*** جردن عن حسن وعن احسان 
لا تسبينّك صورة من تحتها*** الداء الدوي تبوء بالخسران 
قبحت خلائقها وقبح فعلها*** شيطانه في صورة الانسان 
تنقاد للأنذال والأرذال هم*** أكفاؤها من دون ذي الاحسان 
ما ثم من دين ولا عقل ولا*** خلق ولا خوف من الرحمن 
وجمالها زور ومصنوع فان*** تركته لم تطمح لها العينان 
طبعت على ترك الحفاظ فما لها*** بوفاء حق البعل قط يدان 
ان قصر الساعي عليها ساعة *** قالت وهل أوليت من احسان 
أو رام تقويما لها استعصت ولم*** تقبل سوى التعويج والنقصان 
أفكارها في المكر والكيد الذي*** قد حار فيه فكرة الانسان  
فجمالها قشر رقيق تحته*** ما شئت من عيب ومن نقصان 
نقد رديء فوقه من فضة*** شيء يظن به من الأثمان 
فالناقدون يرون ماذا تحته*** والناس أكثرهم من العميان 
  
  
أما جميلات الوجوه فخائنا***ت بعولهن وهن للأخدان 
والحافظات الغيب منهن التي*** قد أصبحت فردا من النسوان 
فانظر مصارع من يليك ومن خلا*** من قبل من شيب ومن شبان 
وارغب بعقلك أن تبيع العالي الـ***ـباقي بذا الأدنى الذي هو فان 
إن كان قد أعياك خود مثل ما*** تبغي ولم تظفر الى ذا الآن 
فاخطب من الرحمن خودا ثم قد*** م مهرها ما دمت ذا إمكان 
ذاك النكاح عليك أيسر أن يكن*** لك نسبة للعلم والايمان 
والله لم تخرج الى الدنيا للذ***ة عيشها أو للحطام الفاني 
لكن خرجت لكي تعد الزاد للـ***أخرى فجئت بأقبح الخسران 
أهملت جمع الزاد حتى فات بل*** فات الذي ألهاك عن ذا الشان 
والله لو أنّ القلوب سليمة*** لتقطعت أسفا من الحرمان 
لكنها سكرى بحب حياتها الد***نيا وسوف نفيق بعد زمان 
  
  
فصل 
  
فاسمع صفات عرائس الجنات ثم اخـ***ـتر لنفسك يا أخا العرفان 
حور حسان قد كملن خلائقا*** ومحاسنا من أجمل النسوان 
حتى يحار الطرف في الحسن الذي*** قد ألبست فالطرف كالحيران 
ويقول لما أن يشاهد حسنها*** سبحان معطي الحسن والاحسان 
والطرف يشري من كؤوس جمالها*** فتراه مثل الشارب النشوان 
كملت خلائقها وأكمل حسنها*** كالبدر ليل الست بعد ثمان 
والشمس تجري في محاسن وجهها** والليل تحت ذوائب الأغصان 
فتراه يعجب وهو موضع ذاك من*** ليل وشمس كيف يجتمعان 
فيقول سبحان الذي ذا صنعه***سبحان متقن صنعة الانسان 
لا اليل يدرك شمسها فتغيب عنـ***ـد مجيئه حتى الصباح الثاني 
والشمس لا تأتي بطرد الليل بل*** يتصاحبان كلاهما اخوان 
  
  
وكلاهما مرآة صاحبه اذا*** ما شاء يبصر وجهه يريان 
فيرى محاسن وجهه في وجها*** وترى محاسنها به بعيان 
حمر الخدود ثغورهن لآلئ*** سود العيون فواتر الأجفان 
والبرق يبدو حين يبسم ثغرها*** فيضيء سقف القفصر بالجدران 
ولقد روينا أن برقا ساطعا*** يبدو فيسأل عنه من بجنان 
فيقال هذا ضوء ثغر صاحبك*** في الجنة العليا كما تريان 
لله لاثم ذلك الثغر الذي*** في لثمه إدراك كل أمان 
ريانة الأعطاف من ماء الشبا***ب فغصنها بالماء ذو جريان 
لما جرى ماء النعيم بغصنها*** حمل الثمار كثيرة الألوان 
فالورد والتفاح والرمان في*** غصن تعالى غارس البستان 
  
  
والقد منها كالقضيب اللدن في*** حسن القوام كأوسط القضبان 
في مغرس كالعاج تحسب أنه*** عالي النقا أو واحد الكثبان 
لا الظهر يلحقها وليس ثديها*** بلواحق للبطن أو بدوان 
لكنهن كواعب ونواهد*** فثديهن كألطف الرمان 
والجيد ذو طول وحسن في بيا***ض واعتدال ليس ذا نكران 
يشكو الحليّ بعاده فله مدى الـ***أيام وسواس من الهجران 
والمعصمان فان تشأ شبههما*** بسبيكتين عليهما كفان 
كالزبد لينا في نعومة ملمس*** أصداف در دورت بوزان 
والصدر متسع على بطن لها*** حفت به خصران ذا أثمان 
وعليه أحسن سرة هي مجمع الـ***ـخصرين قد غارت من الأعكان 
حق من العاج استدار وحوله*** حبات مسك جل ذو الاتقان 
  
  
وإذا انحدرت رأيت أمرا هائلا*** ما للصفات عليه من سلطان 
لا الحيض يغشاه ولا بول ولا*** شيء من الآفات في النسوان 
فخذان قد جفا به حرسا له*** فجنابه في عزة وصيان 
قاما بخدمته هو السلطان بيـ***ـنهما وحق طاعة السلطان 
وهو المطاع أميره لا ينثني*** عنه ولا هو عنده بجبان 
وجماعها فهو الشفا لصبها*** فالصبّ منه ليس بالضجران 
وإذا يجامعها تعود كما أتت*** بكرا بغير دم ولا نقصان 
فهو الشهي وعضوه لا ينثني*** جاء الحديث بذا بلا نكران 
ولقد رأينا أن شغلهم الذي*** قد جاء في يس دون بيان 
شغل العروس بعرسه من بعدما*** عبثت به الأشواق طول زمان 
بالله لا تسأله عن أشغاله*** تلك اليالي شأنه ذو شان 
واضرب لهم مثلا بصب غاب عن*** محبوبه في شاسع البلدان 
والشوق يزعجه اليه وما له***بلقائه سبب من الامكان 
وافى اليه بعد طول مغيبه*** عنه وصار الوصل ذا امكان 
أتلومه ان صار ذا شغل به*** لا والذي أعطى بلا حسبان 
يا رب غفرا قد طغت أقلامنا*** يا رب معذرة من الطغيان 
		
 نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
		
     |