| 
	
		
		
			
			 
				
				بيتر بان وغربة الأوطان
			 
			 
			
		
		
		كنت أعتقد أنه من أصل تركي فحسب,لأنه سبق لي أن سمعته يتحدث بحماسة و فخر عن تركيا و الإمبراطورية العثمانية. 
حتى إسماه الشخصي والعائلي كان ينطقان بأنه تركي.لكن ماسمعت من زملائه جعلني أستغرب و أتعجب.فقد كانوا ينادونه مازحين,ساخرين:"بيتر بان". 
حاولت أن أربط بين صورته هو فاتح الولد الفاتح البشرة ,الداكن الشعر و صورة بيتر بان المحبوب الخفيف الحركة و لم أجد شبها يذكر. 
لهذا فقد تطفلت و سألت وكان أنطونيو صاحب الإجابة فقد قال أن بيتر بان من نيفر لاند ذلك البلد البعيدالذي لا وجود له على الخرائط و أن فاتح مثله لأنه من أصل كردي وأنه ليس للأكراد بلد ". 
لم يكن أمامي إلا الإبتسام .فكلام أنطونيو معقول نوعا ما, و فاتح يستحق مايجري له لأنه يجني ثمار تهكمه و سخريته من إنتماأت زملائه الآخرين و مادام الأمر مزاحا يضفو بالروح الرياضية فلم يكن هناك داع لأخفي ابتسامتي. 
التشبيه أعجبني و استوقفني و قادني إلى التفكير في كل هؤلاء البيتر بانات في بلداننا. 
هؤلاء الذين كتب على بطاقتهم الشخصية بوضوح من أي بلد هم, لكنهم يشعرون كل يوم بالغربة و الغرابة. 
يحسون بأنهم في بلدان غير بلدانهم لأنهم عندما يقفون في صف طويل لاستصدار وثيقة إدارية يباغتون من الخلف بشخص يحصل على مايريد دون انتظار و بحفاوة استقبال,و لأنهم عندما يمرضون و يلتجئون للمستشفيات الحكومية يعاملون كالحشرات و يعودون إلى منازلهم بمتاعب نفسية إلى جانب متاعبهم الجسدية,ولأنهم عندما يتجولون في الأسواق لايفهمون شح المواد أو غلائها بينما قد درس لهم منذ نعومة أظافرهم أن بلدهم يطل على البحار و يزخر بالخيرات . 
يستغرب هؤلاء و منهم من يبيع نفسه رخيصا من أجل عقد عمل في بقعة أخرى من الدنيا. 
منهم من يخاطر بحياته و يركب قاربا قد يلفظه على شواطئ أوروبا. 
كم من مواطن يشعر بأنه بيتر بان في بلده لأنه يعامل كقادم من نيفر لاند ليس له مكان و لافرصة ولأن هناك النخبة الذين لهم الحق و الأسبقية في كل شيء. 
في علم النفس الحديث "'عقدة أو سيندروم بيتر بان "" تتمثل في رغبة المريض الملحة للعودة إلى الطفولة و الحنين إليها باستمرار و في بلداننا مشكلة كل البيتر بانات أنهم يريدون الهجرة و الهروب و العودة فقط بإمكانيات لكي لاتدوسهم الأقدام و ينتهوا مع الركام. 
Nassira 
		
 نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
		
     |