| 
	
		
		
			
			 
				
				رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
			 
			 
			
		
		
		[align=justify]" صمت الجواب " 
" وضعتني في جواب الصمت ، لأنني أحببت 
  قلقاً يا قلبي أراك .. تندي أعماقي بأحزان هواك " 
-	أسطورة سمرقند – 
يحكى أن ملكاً من ملوك سمرقند أراد أن يحقق ما يحلم به كل إنسان أن يفر من الموت ، وإذا كان مقتنعاً بأن الموت يُقبل من السماء رغب في القيام بعمل يمنعه من ادراكه .. 
فابتنى قصراً تحت الأرض ، قصراً شاسعاً وسد جميع منافذه ، وكان ثرياً ثراء خيالياً وقد اصطنع فيه شمساً تشرق في الصباح وتغرب في المساء كي تدفئه ، وتعين له مرّ الأيام ، غير أن إله الموت تمكن من خداع نباهة الملك ، وانسل إلى قلب القصر لانجاز عمله ، وكان عليه أن يثبت لجميع الناس أنه ما من مخلوق يهرب  من الموت مهما تكن قوته . أو ثروته . أو حذقه أو صلفه .وهكذا غدت ـ سمرقند ـ رمز اللقاء المحتوم بين الإنسان وقدره .  
وفي ـ نيسابور ـ حجب الخيام إلى مثواه الأخير وهو في الرابعة والثمانين من عمره . وقبره مستند إلى جدار حديقة، وشجيرات كمثرى ودراق تمد أغصانها وقد نثرت أزهارها على القبر حتى أنه كان مختفياً تحت بساط من ـ البتلات ـ . 
وقد قال الخيام قبل موته : ـ سيكون قبري في مكان تنثر فيه ريح الصبا والأزهار في كل ربيع ـ . 
قد تبدو هذه الكلمات غير معقولة على الفور . ومع ذلك رجل مثله لا يمكن أن ينطق عن هوى . وكتب على قبره ما قاله من تأمله في الموت :  
كقطرة عادت إلى الخضم أو 	كذرة قد رجعت إلى الثرى 
أتيت للدنيا وعدت حاكياً 		  ذبابة بدت وغابت إثرا 
ألم يكن الشاعر قد تمنى ـ لرباعيته ـ الخلود على الأقل . ذلك الخلود الذي لم يكن يجرؤ على تمنيه لنفسه .  
وقد قاله لحبيبته جيهان : 
           هاتي خمراً ولتكن في مثل ورد خديك 
		             وليكن نديمي مثل خفة خصلات شعرك  
وحين وجد حبيبته ـ جيهان ـ في خطر أراد أن يهرب بها من قصرها قائلاً ـ اتركي هذا القصر .. لا تلتفتي وراءك ، لا تقولي وداعاً ، لا تجمعي حتى متاعك . هاتي يدك . ولنعد إلى بيتنا فتنظمي قصائدك وأرقب نجومي . وتأتين كل مساء فتلتصقين عارية بي وتحدونا الخمر الممسّكة بالغناء .. ويتوقف العالم في نظرنا عن الوجود ، ونقطعه من غير أن نراه أو نسمعه .. 
اغرورقت عينا ـ جهان ـ قائلة : هؤلاء الناس يا عمر لا يفكرون إلا في الانتقام . وسيأخذون عليك أنك خبأت ـ جهان ـ وسوف يقتلونك في الوقت الذي يقتلوني أنا فيه . 
أجابها : سنظل في بيتنا معاً . وإذا كان مكتوباً لي أن أموت معك فإني أذعن . 
لكن جهان رفضت أن تذعن لموته معها ـ وعادت إلى القصر حيث ذبح الجنود جميع أهل القصر ـ وصرخ ـ جهان ـ ثم هدأ روعه فجأة ـ فعلى المرء أن يحتفظ بكرامته في اللحظة الأخيرة . لقد عرفت ـ جهان كيف تحتفظ بكرامتها . 
فقال :انقضى عهد الصبا الميمون	 
                                           ولكي أنسى أســكب الخمر 
وطعمها مرّ هكذا يعجبني	 
                                       وهذه المرارة هي طعم حياتي 
[/align] 
		
		
     |