[frame="1 10"]
 جدلية الوجه الآخر , بين مرارة الرؤيا وجرأة التشكيل
   
وجهة نظر خاصة بقصيدة الوجه الآخر للشاعر الجزائري محمد الصالح شرفية الجزائري..
     
لا أدر لم قفز لذهني هذا النص؟  , فلقد قرأته منذ أمد ..لكن فجأة أحسست بأن النص يناديني .
   أوربما أنا أناديه,   لست ادري !
   لكن من المؤكد بأن أحداث بلدي سوريا , وراء دعوتي للنص .
   المهم .. عاجلت وسحبته من ملفات الشاعر, ونسخته وأعدت قراءته مرات ومرات ....
   وفي كل مرة أزداد التصاقًا بالشاعر حتى تقمصته , وشعرت بأن لسان حاله  ينطق بذاتي.
   حينها أدركت مرارة الذي مر به الشاعر, وبلده الجزائر الحبيبة , وما أمر به الآن في وطني سوريا ...
   فصدقت المثل العربي (بأن النار لاتكوي إلا بموضعها )!
     الشاعر الجزائري مؤمن من الطراز الرفيع , والعقلي , والكوني,والجديّ, وإلا لما ابتدأ بالفعل (كفرنا) إذ يتناول أرقى حالة إنسانية , وهي الإيمان بالله , وضدها الكفر.
   فالماضي كفرنا , هو قمة الاستنكار المشوب بالغضب , والانفعال, واليأس , والحزن مما آلت إليه الأحوال , في تلك العشرية السوداء بالجزائر ,, ويسوقه مستفهمًا , لامقرًا بالكفر لاسمح الله , فنتيجة الاستفهام هي نحن إذن ملحدون وكافرون لأننا وصلنا إلى هذا الحد من القتل , والدم . وتركنا ما أمر به الله.
   ولا يخلو هذا الاستنكار من جرأة زائدة , ناجمة عن قهر  وغيرةٍ على المفهوم الروحي الصحيح , الذي لايجيز لإنسان قتل آخر , لاختلاف بالرأي والعقيدة .
   يطرح الشاعر ( الذي أحترمه ) جدلية الحدين , والقيمتين , والجوابين  , وهذه الجدلية  تدخل في ثنائية الكون , فلكل كلمة معنيان , معنى قاموسي معجمي , ومعنى بلاغي بياني .
   ولكل شيء قيمتان , قيمة حدّية , وقيمة مضافة .
   ولكل سؤال جوابان , حواب نقلي حدي, كجدول الضرب . وجواب عقلي لانهائي ينبثق بأقيسة منطقية عن الواقع ....
   لكن السؤال الحقيقي هل لسلم القيم الديني , والروحي , والأخلاق , وجهان ؟
   يحاول الشاعر أن يؤكد بأن للدين ( أي دين ) وجه جميل واحد وهوكما أمر به الله , وكما أنزله .
   ويرفض الشاعر الوجه الآخر الذي ابتدعه بعض الأشخاص , وجروا الدين إلى حيث يريدون لغايات دنيوية
   ولم ينضووا هم تحت مظلة الدين الذي هو بالمحصلة قاعدة أخلاقية, إنسانية, راقية تدعو إلى التسامح , والمحبة وكل هذه المنظومة هي بالمحصلة أيضًا لخدمة الإنسان نفسه , والحفاظ على حياته , وحريته , وكرامته .
   وهؤلاء يرفضون وجه الشاعر , ويعتبرونه وجهًا آخر !
   تمكن الشاعر بالرغم من بساطة التراكيب , والمفردات , أن يعالج الموضوع ذي النبالة , والخصوصية المعقدتين
   وأن يسوق النتيجة ويطرحها .
   ثم يعود إلى الخلف محللا متناصًا مع مفردات دينية , وتاريخية واضحة المعالم والدلالات
   ليفجر بوجه القارىء جدلية التساؤل , والاستفهام , والمقارنة بين ماهو كائن وقائم على الأرض والواقع , وبين مايجب أن يكون وما هو مفترض من رقي ومحبة وخير وجمال .
   ويبقى الدافع لدى الشاعر صرخة صادقة يريد إيصالها إلى البشرية عمومًا وأبناء جلدته خصوصًا , بأن عودوا جميعًا إلى كلمة سواء . فالإنسان المؤمن , المتحضر , الراقي يستطيع أن يحاور حتى الحيوان الأعجم , فالحوار يصنع المعجزات .
   تجرأ الشاعروعبَّر بدالات متناقضة , لدلالات متناقضة وهذا يحسب له ( خمر , ومساجد , ونفط , وصلاة , وبغاء ووو) وساقها سائلا ماذا لو رفضنا ماتقولون ؟
     هل ستتحولون إلى قيمة سلبية بالمجتمع ؟
   هل عجزتم عن سماعنا , نحن الذين نؤمن بحقكم بالاختلاف , ولا تمنحوننا هذا الحق ؟
   ماالفائدة من قتلي وإنا غير مقتنع برأيك ؟
   هل جربت إقناعي بالحسنى , وتمتعت بسعادة اقتناعي برأيك ؟
   إلى متى سنبقى نغرف من ذات المصدر الروحي كلنا , ونكفر بعضنا بذات المصدر وكل يفسر على كيفه ويرمي الآخر , وكأن التناقض بذاك المصدر!؟
     أسئلة برسم الإجابة , من , وعن , وفي, الوجه الآخر
   [/frame]