((( تَرَاتِيلٌ فِي رِحْلَةِ الْحُزْن )))
 
عَلَى شَفَةٍ ظَمْأَى سَتُشْرِعُ خَيْبَتِي =إِلَى مُنْتَهًى دَاجِي الْقَرَارِ وَتُرْسِلُ 
تَهَاوِيمُهَا الطِّيَّاتُ تَهْمِسُ دَمْعَتِي =تَجُرُّ فَرَاغِي عَفَّةً تَتَوَسَّلُ 
وَضَجَّتْ بِصَدْرِي النَّائِحَاتُ وَوِجْهَتِي =حَنِينًا تَنَزَّى نَازِفًا يَتَمَلْمَلُ 
شَرِبْتُ دُمُوعًا عَتَّقَتْهَا مَحَاجِرٌ =مِنَ التَّعْسِ تَقْتَاتُ الْأَسَى تَتَسَوَّلُ 
جَذَذْتُ خُيُوطِي مِنْ شِرَاعٍ حَنِينُهُ=يُغَارُ عَلَى عَزْفِ الْهُمُومِ وَيُفْتَلُ 
سَكَبْتُ عَذَابَاتِي مَرَاحِلَ مِنْ لَظًى =تَئِزُّ حَنِينًا فِي أَسَايَ وَتُعْوِلُ 
وَلِي زَفَرَاتٌ تُحْزِنُ الْمَيْتَ فِي الْبِلَى =تَمُرُّ إِلَى ضِيقِ اللُّحُودِ وَتَجْدِلُ
لَكَمْ ثَنَّتِ الْأَرْزَاءُ شُقْرَ ضَفَائِرٍ = تَوَسَّطَهَا حُزْنٌ يُرَاطُ وَيُصْقَلُ 
وَتَمْرِي خُيُوطَ الْهَمِّ حُورٌ دُمُوعُهَا =تَهَاوَتْ وَأَنَّتْ فِي الضُّلُوعِ تُجَلْجِلُ 
رَوَتْنِي شَتَاتًا غَامِضَ الشَّكْلِ مُبْهَمًا=وَرُوحِي احْتَوَتْنِي وَالْخُطَى تَتَعَجَّلُ
دُمُوعِي وَإِنْ كَانَتْ شَتَاتَ تَمَزُّقِي =أَزَاحَتْ قَذَى الْأَحْزَانِ بِالصَّمْتِ تَغْسِلُ 
تَمَيَّزَ هَمِّي وَاصْطَلَتْ وَهْجَ نَارِهِ=جِيَادُ أَسًى فِي الرُّوحِ تَعْدُو وَتَصْهَلُ 
تَرَاتِيلَ حُزْنِي رِحْلَةُ التِّيهِ مُرَّةٌ=تَمُورُ وَئِيدًا وَالْأَسَى يَتَعَجَّلُ 
وَحَوْلِي سَرَابٌ غَارِقٌ الْمَوْجِ صَامِتٌ=يُوَاسِي دُمُوعًا جَمَّةً تَتَنَزَّلُ 
وَفِي الْقَلْبِ آمَالٌ تَئِنُّ إِذَا أَتَتْ =عَلَيْهَا جَنُوبٌ فِي السَّفَارِ وَشَمْأَلُ 
وَفِي الْعَيْنِ أَحْلَامٌ تَضِيقُ إِذَا انْطَوَتْ =عَلَى الْهَمِّ تَذْوِي فِي رُؤَايَ وَتَذْبُلُ 
أَيَا رِحْلَتِي وَالْعُمْرُ يَنْزِفُ لَاهِثًا=وَرَاءَ بَصِيصٍ عَابِثٍ يَتَسَلَّلُ 
حَنَانَيْكِ هَلْ تُطْوَى الْمَسَافَاتُ هَكَذَا=وَيُهْدَى إِلَى الْأَحْزَانِ قَلْبٌ مُذَلَّلُ؟
أَجُوبُ خَفَايَا الذَّاتِ أَبْحَثُ عَنْ صَدًى =يَرُدُّ صَدًى لِلُّروحِ طَاغٍ يُزَلْزِلُ 
خَبَايَا فُؤَادٍ خَيَّمَتْ فِيهِ شِقْوَةٌ=عَلَى خَلَجَاتٍ يَسْتَقِرُّ وَيَنْزِلُ 
وَخَيَّمَ صَمْتِي فِي الْحَنَايَا يُطِيلُهُ=سَوَادٌ تَجَلَّى يَدْلَهِمُّ وَيَثْقُلُ 
فَيَنْسَلُّ مِنْ كِسْفٍ ثَقِيلٍ تُسِيلُهُ =رِيَاحٌ تَهِيمُ فِي الضُّلُوعِ فَتَعْزِلُ 
بَقَايَا رُؤًى تَنْسَابُ مِنْهَا حَمَائِمٌ =مِنَ الْهَمِّ عَجْلَى صَادِيَاتٍ تُصَلْصِلُ
يُعَانْقِنَ قَلْبًا عَشَّشَتْ فِيهِ خَيْبَةٌ =تَرَاءَتْ عَلَى بُعْدَيْنِ وَالْحُزْنُ يَقْتُلُ 
وَدَاعًا أَيَاقَلْبِي الَّذِي كَمْ عَهِدْتُهُ=يَسِيرُ رُوَيْدًا عَابِثَ النَّبْضِ يُقْبِلُ 
وَأَهْلًا بِمَنْ آوَى الْحَزَانَى إِذَا قَسَتْ =عَلَيْهَا عَوَاتٍ شَاتِيَاتٍ تُسَرْبِلُ 
وَرِيدَ حَيَاةٍ قُيِّدَتْ فِيهِ فَرْحَةٌ=حَدِيثَةُ عَهْدٍ مِنْ صَدًى تَتَشَكَّلُ 
وَتَبْكِي زُهُورُ الْحُزْنِ إِنْ لَامَسَتْ يَدِي =شَذًا شَارِدَ الرُّؤْيَا يَمُرُّ وَيُرْسِلُ 
تَبَارِيحَهُ الْحَرَّى إِذَا عَلِقَتْ بِهَا =غُيُومُ أَسًى تَلْتَفُّ حَوْلِي وَتُسْبِلُ 
جُفُونِي عَلَى جَمْرٍ مِنَ التَّعْسِ هَيَّجَتْ =بَقَايَاهُ رِيحٌ فِي الْخَرَابِ تُرَتِّلُ 
تَسَابِيحَ هَمٍّ فِي مَحَارِيبِ شِقْوَةٍ=تَطُولُ إِذَا رَدَّدْتُهَا حِينَ يُسْدِلُ 
دُجَى الْهَمِّ أَشْعَارًا تَكَثَّفَ نَسْجُهَا =تُحَاصِرُ قَلْبًا دَامِيًا يَتَجَمَّلُ 
وَلِلصَّبْرِ آيَاتٌ تَلُوحُ إِذَا هَوَتْ =عَلَى النَّفْسِ أَحْزَانٌ تُذِلُّ وَتُذْهِلُ 
وَحَوْلَ مَرَايَايَ الْكَئِيبَةِ دَمْعَةٌ=تُحَاصِرُ صَمْتِي .. لَيْتَهَا تَتَحَمَّلُ 
عَبَرْتُ فِجَاجَ الْحُزْنِ أَكْتُمُ صَرْخَةً =تُدَوِّي إِذَا عَاتَبْتُهَا تَتَمَهَّلُ 
وَلَازَمْتُ وَهْجَ النَّارِ فِي عُمْقِ رِحْلَةٍ =تَنَاهَتْ إِلَى هَمَّيْنِ لَا تَتَحَوَّلُ 
يَسِيلُ حَصَى دَرْبِي وَتَلْتَزِمُ الْخُطَى =يَقِينًا تَصَدَّى وَاثِقًا يَتَجَلَّلُ 
وَهَوَّمْتُ فِي بُعْدٍ يَشِطُّ مَزَارُهُ =أُطَارِدُ هَمْسِي وَالْأَسَى يَتَخَلَّلُ
كُوَى الرُّوحِ حَتَّى تَشْرَئِبَّ مِنَ الْأَذَى=عُيُونِي الَّتِي تَجْتَاحُ مَا يَتَشَكَّلُ 
عَلَى الدَّرْبِ حُزْنِي حِينَ يَعْزِفُنِي الْأَسَى=هُمُومًا وَتَرْجِيعُ الصَّدَى هَلْ يُعَجِّلُ 
سَقَطْتُ جِدَارٍ بَيْنَ حُزْنٍ وَفَرْحَةٍ=نَقِيضَيْنِ وَالْقَلْبُ اسْتَوَى يَتَأَمَّلُ
 
عادل سلطاني ، بئر العاتر ، يوم الخميس 9 مارس 1995