أَقْلَامُهَا السَّوْدَاءُ فِي مَكْتَبِي
   تَرْقُبُ مِنِّي صَحْوَةَ الْمُطْرِبِ
   تُوقِظُ فِي قَلْبِي شُعَاعَ الْمَدَى
   وَتَسْكُبُ الْحِيرَةَ فِي الْمَغْرِبِ
   أَحْمِلُها مَعِي وَ لا أَشْتَكِي
   مِنْ بَوْحِ صَوْتِ حُزْنِهَا الطَّيِّبِ
   تُغَازِلُ الْحُرُوفَ فِي دَفْتَرٍ
   يَهْمِسُ لِلأشْواق ِ: لا تَهْرُبي
   تَرْكُضُ فِي سَوَادِهَا وَرْطَةٌ
   تَخَافُ مِنْ سُهَادِيَ الْمُتْعَبِ
   وَتَخْتَفِي حِينَ تَرَى لَثْغَةً
   تَشْكُو مِنَ التَّوتُّرِ الْمُرْعِبِ
   تُضْمِرُ فِي قَلْبِي اشْتِعَالَ الثَّرَى
   تَهْتِفُ بِالضَّيَاع ِ: لا تَكْذِبِ
   تَقُولُ لِلْوَقْتِ : سَيَأْتِي الْكَرَى
   فلا تَقُلْ للشَّمْسِ : هيَّا اغْرُبي
   أَنْفُضُ عَنْ مَبْسَمِهَا نُدْبَةً
   تَقُولُ للصَّرْخَةِ : لا تَغْضَبِي
   تَمْتَصُّ مِنْ شُرْيَانِ نَافُورَةٍ
   شَجَاعَة ًلَهَا نَوَايَا نَبِي
   أَسْمَعُهَا تَكْسِرُ ظِلَّ الدُّجَى
   أَسْمَعُهَا تَقُولُ لِي : يَا أَبِي
   تَمْتَصُّ مِنْ جِلْدِي زَوَايَا الْمُنَى
   تَمْتَصُّ مِنْ بَحْري صَدَى الْمَرْكَبِ
   أَنَا أُرَاضِيهَا وَلا أَعْتَدي
   عَلَى شُرُودِ حِبْرِهَا الْمُذْهَبِ
   قَدْ عَبَرَ الْفُلُّ إِلى جَوْفِهَا
   فَأَصْبَحَتْ تَعْزِفُ عَنْ مَذْهَبِي
   مَا أَرْوَعَ الْحِبْرَ الذي يَسْتَقِي
   مِنْ رَمَقِ التَّرَاقُصِ الْمُلْهِبِ